فصل: الخبر عن دولة بني سامان ملوك ما وراء النهر المقيمين بها الدولة العباسية وأولية ذلك ومصائره.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.استيلاء طاهر بن خلف على كرمان وعوده عنها ومقتله.

كان طاهر بن خلف من العقوق لأبيه على عظيم وانتقض عليه وجرت بينهما وقائع كان الظفر بها لخلف ففارق طاهر سجستان وسار إلى كرمان وبها الديلم عسكر بهاء الدولة فصعد إلى جبالها واحتمى بقوم هنالك كانوا عصاة ونزل على جيرفت فملكها ولقيه الديلم فهزمهم واستوف على الكثير مما بأيديهم فبعث بهاء الدولة عسكرا مع أبي جعفر بن أستاذ هرمز فغلب طاهرا على كرمان فعاد إلى سجستان وقاتل أباه فهزمه وملك البلاد وامتنع أبوه خلف ببعض حصونه وكان الناس قد سئموا منه لسوء سيرته فرجع إلى مخادعة ابنه فتواعد اللقاء تحت القلعة وأكمن له بالقرب كمينا فلما لقيه الكمين واستمكن منه أبوه خلف فقتله أبوه.

.استيلاء محمود بن سبكتكين على سجستان ومحو آثار بني الصفار منها.

كان خلف بن أحمد قد بعث ابنه طاهرا إلى قهستان فملكها ثم إلى بوشنج كذلك وكانت هي وهراة لبغراجق عم محمود وكان محمود مشتغلا بالفتنة مع قراد بني سامان فلما فرغ منها استأذنه عمه في إخراج طاهر بن خلف فأذن له وسار إليه سنة تسعين وثلثمائة ولقيه بنواحي بوشنج فهزمه ولج في طلبه فكر عليه طاهر وقتله فساء ذلك محمودا وجمع عساكره وسار إلى خلف بن أحمد وحاصره بحصن أصبهيل وضيق عليه حتى بذل له أموالا جليلة وأعطاه الرهن عليها فأفرج عنه ثم عهد خلف بملكه إلى ابنه وعكف على العبادة والعلم خوفا من محمود بن سبكتكين فلما استولى طاهر على الملك عق أباه وكان من أمره ما تقدم ولما قتل طاهر تغيرت نيات عساكره وساءت فيه ظنونهم واستدعوا محمود بن سبكتكين وملكوه مدينتهم وقعد خلف في حصنه وهو حصن الطاق له سبعة أسوار محكمة وعليها خندق عتيق له جسر يرفع ويحط عند الحاجة فحاصره محمود سنة ثلاث وتسعين وثلثمائة وطم الخندق بالأعواد والتراب في يوم واحد وزحف لقتاله بالفيول وتقدم عظيمها فاقتلع باب الحصن بنابه وألقاه وملك محمود السور الأول ودفع عنه أصحاب خلف إلى السور الثاني ثم إلى الثالث كذلك فخرج خلف واستأمن وحضر عنده محمود وخيره في المقام حيث شاء من البلاد فاختار الجوزجان وأقام بها أربع سنين ثم نقل عنه الخوض في الفتنة وأنه راسل أيلدخان يغريه بمحمود فنقله إلى جردين وحبسه هنالك إلى أن هلك سنة تسع وتسعين وثلثمائة وورثه ابنه أبو حفص ولما ملك محمود سجستان واستنزل خلف من حصن الطاق ولى على سجستان أحمد الفتحي من قواد أبيه ثم انتقض أهل سجستان فسار إليهم محمود سنة ثلاث وتسعين وثلثمائة في ذي الحجة وحصرهم في حصن أوال واقتحمه عليهم عنوة وقتل أكثرهم وسبى باقيه حتى خلت سجستان منهم وصفا ملكها له فأقطعها أخاه نصرا مضافة إلى نيسابور وانقرض ملك بني الصفار وذويهم من سجستان والبقاء لله وحده.

.الخبر عن دولة بني سامان ملوك ما وراء النهر المقيمين بها الدولة العباسية وأولية ذلك ومصائره.

أصل بني سامان هؤلاء من العجم كان جدهم أسد بن سامان من أهل خراسان وبيوتها وينتسبون في الفرس إلى بهرام حشيش الذي ولاه كسرى أنوشروان مرزبان أذربيجان وبهرام حشيش من أهل الري ونسبهم إليه هكذا أسد بن سامان خذاه بن جثمان بن طغان بن نوشردين بن بهرام نجرين بن بهرام حشيش ولا وثوق لنا بضبط هذه الأسماء وكان لأسد أربعة من الولد: نوح وأحمد ويحيى والياس وأصل دولتهم هذه فيما وراء النهر أن المأمون لما ولي خراسان اصطنع بني أسد هؤلاء وعرف لهم حق سلفهم واستعملهم فلما انصرف إلى العراق ولى على خراسان غسان بن عباد من قرابة الفضل بن طاهر مكان ابنه إسحاق ومحمد بن الياس ثم مات أحمد بن أسد بفرغانة سنة إحدى وستين وكان له من الولد سبعة: نصر ويعقوب ويحيى وإسمعيل وإسحاق وأسد وكنيته أبو الأشعث وحميد وكنيته أبو غانم ولما توفي أحمد وكانت سمرقند من أعماله استخلف عليها ابنه نصرا وأقام في ولايتها أيام بني طاهر وبعدهم وكان يلي أعماله من قبل ولاة خراسان إلى حين انقراض أمر بني طاهر واستولى الصفار على خراسان.

.ولاية نصر بن أحمد على ما وراء النهر.

ولما استولى الصفار على خراسان وانقرض أمر بني طاهر عقد المعتمد لنصر بن أحمد على ما وراء النهر فبعث جيوشه إلى شط جيحون مسلحة من عبور الصفار فقتل مقدمهم ورجعوا إلى بخارى وخشيهم واليها على نفسه ففر عنها وولوا عليهم ثم عزلوا ثم ولوا ثم عزلوا فبعث نصر أخاه إسمعيل على شط بخارى وكان يعظم محله ويقف في خدمته ثم ولى على غزنة أبا إسحاق بن التكين ثم ولى على خراسان من بعد ذلك رافع بن هرثمة بولاية بني طاهر وأخرج عنها الصفار وحصلت بينه وبين إسمعيل أعمال خوارزم فولاه إياها وفسد ما بين إسمعيل وأخيه نصر وزحف إليه سنة اثنتين وسبعين فأرسل قائده حمويه بن علي إلى رافع يستنجده فسار إليه بنفسه منها وأصلح بينهما ورجع إلى خراسان ثم انتقض ما بينهما وتحاربا سنة خمس وسبعين وظفر إسمعيل بنصر ولما حضر عنده ترجل له إسمعيل وقبل يده ورده إلى كرسي إمارته بسمرقند وأقام نائبا عنه ببخارى وكان إسمعيل خيرا مكرما لأهل العلم والدين.